ما الغاية من المحكمة الدستورية؟

ما الغاية من المحكمة الدستورية؟
ما الغاية من المحكمة الدستورية؟

إعداد زهيرة ساسي

طالبة باحثة بماستر الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية – ايت ملول.

عرف القضاء الدستوري بالمغرب عبر تطوره ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تتعلق بالغرفة الدستورية التي نص على تأسيسها دستور 1962 بإعتبارها أعلى هيئة في التنظيم القضائي، المرحلة الثانية وتتعلق بالمجلس الدستوري الذي كان مع المراجعة الدستورية لسنة 1992 بإعتباره مجلس مستقل له صلاحيات واسعة، وقد استمر العمل بهذا المجلس إلى حدود إحداث المحكمة الدستورية وإناطتها بصلاحيات أوسع من سابقاتها في إطار توسيع الحقوق والحريات العامة.

نظم المشرع المغربي المحكمة الدستورية بمقتضى فصول الدستو ر – 129 إلى 134 – ضمن الباب الثامن خارج باب القضاء بإعتبارها هيئة مستقلة ومواد القانون التنظيمي رقم 066.13 مما يطرح إشكالية مركزية مفادها أي دور أبانت عنه المحكمة الدستورية في مراقبة دستورية القوانين؟

أولاً: تتألف المحكمة الدستورية من اثني عشر (12) عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة حسب الفصل 130 من دستور المملكة لسنة 2011، ستة أعضاء يعينهم الملك من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء ينتخب نصفهم من قبل مجلس النواب والنصف الآخر من قبل مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس وذلك بعد التصويت بالإقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس مما يمكن القول معه إنما تأليف المحكمة الدستورية هو ذو طبيعة سياسية عندما يتعلق الأمر بتعيين أعضائها من قبل الملك ومجلسي البرلمان.

وقد أناط الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية أعضائها بمجموعة من الالتزامات من أهمها: الإلتزام بواجب التحفظ والإمتناع عن كل ما من شأنه أن يمس إستقلالهم ومن كرامة المنصب الذي يتقلدونه حيث لا يجوز لهم أن يتخذوا أي موقف علني أو الإدلاء بأي فتوى في القضايا التي سبق للمحكمة الدستورية أن قضت فيها أو يحتمل أن يصدر عنها قرار في شأنها، أن يشغلو داخل أي هيئة ذات طابع سياسي أو نقابي كما يجب عليهم التصريح بممتلكاتهم والأصول التي في حوزتهم طبقاً لمنطوق الفصل 158 من الدستور الحالي كما لا يمكنهم أن يسمحوا بالإشارة إلى صفتهم كأعضاء بالمحكمة الدستورية في أي وثيقة يحتمل أن تنشر إلا أنه في حالة ما إذا تم الإخلال بهذه الإلتزامات المنصوص عليها صراحة في القانون يتم إنهاء العضوية في المحكمة الدستورية وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أنه العضوية في هذه الأخيرة تنتهي حسب المادة 12 من القانون المنظم لها بإنتهاء المدة المحددة لها؛ بوفاة العضو؛ بإستقالة العضو؛ بالإعفاء الذي يكون في الحالات التالية: مزاولة أي نشاط يتنافى مع عضوية المحكمة الدستورية من ذلك مثلاً الجمع بين عضوية الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان والعضوية في المحكمة الدستورية… حسب المادة الخامسة من القانون التنظيمي رقم 066.13 المنظم لها.

ثانياً: تختص المحكمة الدستورية بمراقبة صحة إجراءات مراجعة الدستور وإعلان نتيجتها والبت في مطابقة القوانين التنظيمية حيث يحيل رئيس الحكومة على الفور القوانين التي أقرها البرلمان بصفة نهائية إلى المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها عملاً بمضمون المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 066.13 وذلك داخل أجل ثلاثين يوماً إبتداء من تاريخ إحالتها أو في غضون ثمانية أيام في حالة الإستعجال بطلب من رئيس الحكومة، وهو نفس الأمر بالنسبة لإحالة الإلتزامات الدولية على المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقتها للدستور إلا أنه في حالة مخالفة إلتزاماً دولياً للدستور فإن المصادقة عليه لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور، وقد حدد المشرع على سبيل الحصر الجهات المخول لها إحالة هذه الإلتزامات الدولية على المحكمة الدستورية ويتعلق الأمر بالملك أو رئيس الحكومة أو رئيسي مجلسي البرلمان أو خمس أعضاء مجلس النواب أو أربعين عضو من أعضاء مجلس المستشارين.

إضافة إلى ما سبق هناك إختصاصات أخرى جد مهمة نص عليها الدستور في الفصل 132 منه ويتعلق الأمر بالبت في صحة إنتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الإستفتاء، حيث تبت المحكمة الدستورية في الطعون المتعلقة بإنتخاب أعضاء البرلمان داخل أجل سنة إبتداء من تاريخ إنقضاء أجل تقديم الطعون إليها، تختص كذلك بالدفع بعدم دستورية قانون معين يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، تجدر الإشارة إلى أنه القرارات الصادرة عن المحكمة الدستورية لا تقبل أي طريق من طرق الطعن.

مما سبق نخلص إلا أنه للمحكمة الدستورية دور مهم في مراقبة القوانين ومدى مطابقتها لروح الدستور مما يمكن القول معه بأهميتها في تطور القضاء الدستوري بالمغرب وإرساء مبادئ القانون والعدالة.

شارك المقال على:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *