إثبات صورية الشركات التجارية في ضوء أحكام محكمة النقض المصرية، وأحكام محكمة التمييز الكويتية، وأحكام المحكمة الإتحادية العليا الإماراتية
تعريف الصورية
الصورية تعنى عدم قيام العقد أصلاً فى نية عاقديه، وأن إثبات الصورية أو نفيها وتقدير أدلتها من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها فى ذلك، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
الصورية المطلقة والصورية النسبية
الصورية المطلقة هى التى تتناول وجود العقد ذاته وتعنى عدم قيام العقد أصلاً فى نية عاقديه، أما الصورية النسبية فهى التى لا تتناول وجود العقد وإنما تنصرف إلى نوعه، أو ركناً فيه، أو شرطاً من شروطه فى شخص المتعاقدين، أو التاريخ الذى أعطى للعقد بقصد التحايل والغش.
الإختلاف بين الصورية المطلقة والصورية النسبية
الصورية المطلقة تتناول وجود التصرف ذاته ولا تخفي تصرفا آخر، ومن شأنها إن صحت أن ينعدم بها وجود العقد فى الحقيقة والواقع.
أما الصورية النسبية بطريق التستر فإنها تتناول نوع التصرف لا وجوده، والدفع بها يستهدف إعمال آثار العقد الحقيقي المستتر دون آثار العقد الظاهر، ومن ثم فإنهما تختلفان أساسا وحكما.
بعض صور إثبات صورية الشركات التجارية من أحكام النقض المصرية
أولاً: توثيق عقود الشركات التجارية لا يحول من إثبات صوريتها
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان تقدير القرائن وكفايتها في الإثبات هو مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه يتعين أن يكون إستخلاصها سائغاً مؤدياً عقلاً إلى النتيجة التي إنتهت إليها.
ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد إستدل على جدية عقد الشركة الذى تمسكت الطاعنتان بصوريته، وأنه يخفى تنازلاً عن العين المؤجرة محل النزاع على خلاف الحظر الوارد بالعقد والقانون بمجرد توثيقه بالشهر العقاري، وكان إتخاذ إجراءات توثيق عقد الشركة لا يدل بذاته على جديته وعدم صوريته، ولا يحول بين الغير وبين أن يثبت الصورية رغم إستيفاء إجراءات الشهر بكافة طرق الاثبات – فإن الحكم بهذه المثابة يكون قد أقام قضاءه على قرينة معيبة.
الطعن رقم 3818 لسنة 61 قضائية جلسة 23/4/1997
ثانياً: إثبات صورية الشركات التجارية بكافة طرق الإثبات
تقدير المانع من الحصول على سند كتابي – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضى الموضوع، إلا أنه يتعين عليه أن يؤسس قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله، وإذ كان يبين من مدونات الحكم التمهيدي المطعون فيه الصادر في …/ …/ … أن المحكمة أجازت للمطعون ضده الأول إثبات صورية عقد شركة التضامن المؤرخ …/ …/… بكافة طرق الإثبات إستناداً إلى قيام مانع أدبى، إلا أنها لم تبين ظروف الحال التي إعتمدت عليها في تبرير الحصول على دليل كتابي مما يجعل حكمها مشوباً بالقصور المبطل.
الطعن رقم 919 لسنة 45 جلسة 1980/12/29
ثالثاً: إثبات صورية الشركات التى تقوم بين الأصل وفرعه أو بين الزوج وزوجته أو بين بعضهم البعض
مفاد الفقرة الأخيرة من المادة 41 من القانون 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 78 لسنة 1973- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع أقام قرينة قانونية على صورية الشركات التى تقوم بين الأصل وفرعه، أو بين الزوج وزوجته، أو بين بعضهم البعض القائمة فعلاً فى تاريخ العمل بهذا القانون الأخير فى 1973/8/23، وما ينشأ منها فى تاريخ لاحق، وتأخذ هذه الشركات عند معاملتها ضريبياً حكم الممول الفرد مالم يثبت صاحب الشأن جديتها ولايكفى لإثبات هذه الجدية تسجيل عقدها، أو سبق ربط الضريبة عليها بهذه الصفة عن سنوات سابقة على تاريخ العمل بالقانون المذكور.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه بجدية الشركة على سابقة ربط الضريبة عليها بهذا الكيان عن سنوات سابقة على صدور القانون رقم 78 لسنة 1973 المشار إليه، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه.
الطعن رقم 128 لسنة 59 جلسة 1995/11/16
رابعاً: قرائن الإستدلال على عدم جدية الشركة وأثرها في إثبات صورية الشركات التجارية
الشركة على ما هي معرفة به قانوناً عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو من عمل، لإقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، مما مفاده أن إشتغال الشريك في شركات الأشخاص ليس ركناً من الأركان الموضوعية لقيام الشركة إلا إذا كانت حصته مجرد عمل، فلا تثريب عليه أن يكون قائما بأعمال خارجة عن نشاطها.
وكان الحكم المطعون فيه قد ساق للتدليل على صورية عقد شركة التضامن المؤرخ ../../.. قرائن منها أن هذا العقد لم يشهر قانوناً وأن الشريكين غير متفرغين للعمل بالشركة، وكلا منهما يشتغل بعمل خارج عن نشاطها، فإنه يكون قد إستند إلى قرينة معيبة ضمن قرائن أخرى متساندة إستدل بها مجتمعة على عدم جدية الشركة – مثار للنزاع – بما لا يبين منه أثر كل واحدة منها في تكوين عقيدة المحكمة ويكون مشوباً بالفساد في الإستدلال.
الطعن رقم 935 لسنة 59 جلسة 1996/04/01
خامساً: جواز الجمع بين الطعن ببطلان العقد والطعن بصوريته معاً
وإن كان الطعن ببطلان عقد الشركة لعدم شهره ولنقص أهلية أحد الشركاء يتضمن الإقرار بجديته، والطعن بصورية هذا العقد متضمن إنكاره مما يقتضى البدء بالطعن بالصورية، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع ذو الشأن من إبداء الطعنين معاً إذا كان الهدف منهما هو عدم نفاذ العقد فى حقه.
الطعن رقم 1691 لسنة 50 قضائية جلسة 1986/06/30
بعض صور إثبات صورية الشركات التجارية من أحكام التمييز الكويتية
فرض القانون شكلاً معيناً لإنعقاد العقد وأثره في إثبات صورية الشركات التجارية
المقرر في قضاء محكمة التمييز أن النص في المادة 65/2 من القانون المدني على أنه وإذا فرض القانون شكلاً معينا لإنعقاد العقد، ولم يراع هذا الشكل في إبرامه وقع باطلاً يدل على أنه وإن كان الأصل في العقود أنها رضائية أي يكفي لإنعقادها مجرد تراضي المتعاقدين، إلا أنه إذ أوجب القانون لقيامها شكلاً معيناً فإن الشكل يكون ركناً في العقد ويتعين مراعاته عند التعاقد ويترتب على تخلف هذا الشكل بطلان العقد.
كما أن النص في المادة 192 من قانون الشركات التجارية على أنه ((يجب أن يكتب عقد تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة في محرر رسمي …). وفي المادة ۱۹۷ من ذات القانون المقابلة تنص المادة ۱۰۰ من المرسوم بقانون رقم ۲۰ لسنة ۲۰۱۲ بشأن إصدار قانون الشركات على أنه ” يجوز التنازل عن الحصة بموجب محرر رسمي …)) يدل على أن الرسمية لازمة في عقد تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة، وفي عقد تنازل أي من الشركاء عن حصته فيها، وإلا وقع العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، فلا ينتج بذاته أثراً ما وفقا للمادة 184 من القانون المدني.
ويجوز لكل ذي مصلحة سواء أكان أحد المتعاقدين أو من الغير أن يتمسك ببطلانه بل يجب على المحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، ولو لم يطلب منها القضاء به، وذلك بإعتبار أن البطلان يعني العدم وأن إعمال عقد باطل لم تتوافر له أركانه بإنفاذ أثاره يتنافى مع النظام العام، ومن ثم فإن الإتفاق على أن عقد تعديل الشركة ذات المسئولية المحدودة يكون عقداً صورياً بالمخالفة لما أثبت في عقدها الرسمي يكون باطلاً عديم الأثر.
لأن المشرع إذا فرض شكلاً معيناً لعقد من العقود فإنه يستهدف مصلحة عامة ولا يكون العقد صحيحاً إلا بهذا الشكل، ومن ثم فإن الإتفاق على وجود شركاء آخرين في الشركة ذات المسئولية المحدودة يملكون حصصاً فيها، ويستحقون نصيباً من أرباحها بالمخالفة لما أثبت في عقودها الرسمية يكون إتفاقاً باطلاً لا أثر له.
الطعن بالتمييز رقم 276 لسنة 2015 تجاري/۱جلسة 15/3/2017
بعض صور إثبات صورية الشركات التجارية من أحكام المحكمة الإتحادية العليا الإماراتية
جواز إثبات صورية الشركات التجارية بشهادة الشهود والقرائن لمن وقع عليه الضرر ولو كان من المتعاقدين
من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن عقد الشركة يتم صحيحاً إذا أفرغ في الشكل الذي رسمه القانون وتوافرت له الأركان الموضوعية العامة، وهي الرضا والمحل والسبب والأهلية، فضلاً عن الأركان الموضوعية الخاصة التي أوردها نص المادة 4 من قانون الشركات التجارية من تعدد الشركاء، ومساهمة كل منهم في تكوين الشركة عن طريق تقديم حصته من مال أو عمل وإقتسام كل من الشركاء الربح والخسارة وتوافر نية المشاركة.
ويترتب البطلان المطلق على عدم توفر نية المشاركة من أحد الشريكين إذا كانت الشركة بين أثنين فحينئذ تبطل الشركة ويرتب البطلان المطلق آثاره.
وكان يجوز إثبات الصورية بشهادة الشهود والقرائن لمن وقع عليه الضرر ولو كان من المتعاقدين إذا كان الغرض من الصورية الهروب من أحكام القانون، أو مخالفة النظام العام والآداب.
ويتعين على محكمة الموضوع عند بحثها للصورية أن تنظر إلى القرائن في مجموعها دون أن تفصل إحداهما عن الأخرى، وأن تنظر إلى حالة المدين وقت التصرف لا بعده وألا تعول على تسجيل العقد بإعتبار أن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً، ولا يحول دون الطعن على العقد بصوريته.
الطعن رقم 388 لسنة 28 تجاري جلسة 27/05/2009